الخميس، 27 نوفمبر 2008

زهور البنفسج
ــــــــــــــــــــــــــ

في الصباح ..
حال الصيف دائما.. شمس ساطعة.. قيظ شديد.. لا نسمات رقيقة لتُلطف من حرارة الشمس الملتهبة.. يحمل دلوه الممتليء بالماء والصابون .. يبدأ في غسيل سيارته.. يفتح الأبواب فيغمر ماء البحر السيارة.. يترك كل شيء ويذهب ليشارك أسرته الجلوس أمام الشاطيء..
في المساء..
أخيرا تملأ نسمات الهواء المكان.. انتصار ما على حرارة الشمس والرطوبة الخانقة.. ونزهة صيفية منعشة تبدأ عند كوبري ستانلي وتنتهي بلقاء ساحر تنسجه نسمات البحر مع أغنية رقيقة لأم كلثوم.. يذوب مع الأنغام.. ويغوص بعيدا في أعماق البحر..

في صباح اليوم التالي..
نسمات باردة نوعا ما.. أوراق الشجر المتساقط غطت أجزاءً كبيرة من سطح السيارة.. حال الخريف في كل عام .. يحمل دلوه الممتليء بالماء والصابون.. يزيح الأوراق أرضا.. ينهمك في غسيل سيارته.. يلمعها بتمعن.. وينصرف..
في المساء..
يشاهد العاشرة مساءً.. ينكمش في مكانه.. تخترقه برودة الجدران.. يغلق التلفاز.. يحملق في اللاشيء..

في صباح اليوم التالي..
يوم شتوي جديد.. البرد قارس.. والأمطار تنهمر في كل مكان.. بقع الطين تلطخ سطح السيارة الرابضة أسفل الشجرة الكبيرة.. يحمل دلوه الممتليء بالماء والصابون .. يبدأ في غسيل سيارته.. الأمطار تتزايد والصابون أيضا يتزايد.. وكلما انتهى من جزء لطخته الأمطار ثانية..
في المساء..
تلاوات قرآنية تنبعث من داخل شقته.. البعض يبكي والبعض يرى أنه قد استراح أخيرا من صراعه المرير مع المرض.. ينصرف الجميع.. يُغلِق الباب وينظر له.. يرفع يديه ويدعو له طويلا.. ينهار فوق أقرب كرسي.. يمد ذراعيه ليحتضنه.. تبلل دموعه الصورة وشريطها الأسود..

في صباح اليوم التالي..
الجو صحو وجميل.. الأزهار تزين الأشجار في تصميم بديع وفريد.. الطيور المغردة تملأ المكان.. النسمات الرقيقة تداعب وجه بدلال.. حال الربيع من كل عام.. يحمل دلوه الممتليء بالماء والصابون ويبدأ في غسيل سيارته.. بعد قليل ينتهي من تلميعها.. وينصرف.
في المساء..
حفلة رقيقة ممتعة.. نظرات الإعجاب تتجه صوبه وهو يتقلد وساما رفيعا في الفيزياء.. تغمره السعادة وهو يتأمل زهور البنفسج المقدمة له.. يفتح ذراعية محييا الحضور.. يبتسم ويحتضن الحياة..


هناك تعليق واحد:

disha_hawk يقول...

داائما هكذا هيا الحياة